أعلن البنك المركزي المصري عن سحب سيولة ضخمة بقيمة 340.9 مليار جنيه من 17 بنكًا محليًا، في إطار أحدث عطاء للسوق المفتوحة، والذي جرى اليوم الثلاثاء، بفائدة بلغت 24.5%، وهو ما يعكس توجهًا حاسمًا من المركزي نحو السيطرة على السيولة ومواجهة معدلات التضخم، من خلال أدوات السياسة النقدية قصيرة الأجل.

 

يأتي هذا السحب الكبير بعد قرارات جديدة أصدرها البنك المركزي بشأن القواعد المنظمة للعملية الرئيسية لربط الودائع، والتي يتم من خلالها إدارة فائض السيولة لدى البنوك التجارية.

 

وقد تم تعديل آلية العطاءات، بحيث ينتقل من أسلوب التخصيص الجزئي إلى قبول جميع العطاءات المقدمة، ما يمنح مزيدًا من المرونة للسوق ويعزز من قدرة المركزي على ضبط السيولة بشكل أكثر كفاءة.

 

وأوضح البنك المركزي في بيانه أن هذا التغيير يهدف إلى تحسين فعالية السياسة النقدية وزيادة تأثير قراراتها على السوق المصرفية، عبر ضمان تحقيق استقرار متوسط سعر العائد لليلة واحدة بين البنوك "الإنتربنك"، والذي يُعد الهدف التشغيلي الأساسي للسياسة النقدية، وذلك من خلال ربطه بسعر العملية الرئيسية (سعر الكوريدور).

 

وفي العادة، يستخدم البنك المركزي أدوات السوق المفتوحة، وعلى رأسها عطاءات ربط الودائع الأسبوعية، لإدارة الفائض النقدي لدى البنوك التجارية، بما يسهم في امتصاص السيولة الزائدة التي قد تؤدي إلى ضغوط تضخمية، أو تذبذب في سعر الصرف، أو ارتفاع غير مرغوب في أسعار الفائدة بين البنوك.

 

وكان البنك المركزي يجري هذه العمليات سابقًا من خلال مزاد ثابت السعر، حيث يعلن عن حجم العملية مسبقًا، ثم يتم تخصيص السيولة بناءً على النسب المقدمة من البنوك.

 

إلا أن التعديل الجديد يعكس تحولًا استراتيجيًا يواكب أفضل الممارسات العالمية في إدارة السيولة والشفافية النقدية، ويمنح البنوك مزيدًا من الوضوح حول كيفية التعامل مع فائض السيولة لديها.

 

ومن المتوقع أن يُسهم هذا النهج في دعم التوازن المطلوب في سوق النقد المحلي، خصوصًا في ظل الضغوط التضخمية التي تشهدها البلاد منذ عدة أشهر، وتأثيرها على الأسواق المالية وسلوك المستهلكين.

 

كما أن هذه الخطوة تتماشى مع مساعي المركزي في إعادة هيكلة السياسة النقدية بما يضمن استقرار الأسعار واستدامة النمو الاقتصادي.

 

الجدير بالذكر أن البيانات الصادرة مؤخرًا عن البنك المركزي كشفت عن ارتفاع قروض البنوك إلى 8.786 تريليون جنيه، والنقد المصدر إلى 1.3 تريليون جنيه، فيما وصلت ودائع العملاء إلى 14.151 تريليون جنيه بنهاية فبراير 2025، ما يعكس حجم النمو والتوسع في القطاع المصرفي المصري، ويزيد من أهمية أدوات السيطرة النقدية.

 

وفي ضوء هذه التطورات، ستبقى أعين المستثمرين والمحللين الاقتصاديين مركزة على كيفية تفاعل السوق مع السياسات الجديدة، خصوصًا مع اقتراب اجتماع لجنة السياسات النقدية المقبلة، والذي من المتوقع أن يناقش الأثر الفعلي لهذه التعديلات على استقرار السوق وتطورات أسعار الفائدة خلال الربع الثالث من عام 2025.