تتأهب المدينة المنورة هذه الأيام لاستقبال مئات الآلاف من الحجاج القادمين من مكة المكرمة بعد إتمامهم مناسك الحج، في مشهد سنوي مهيب يبرز الجهود التنظيمية والخدمات المتطورة التي تسخّرها المملكة العربية السعودية لخدمة ضيوف الرحمن. وتشكل المدينة، بما لها من مكانة دينية وتاريخية، محطة روحانية لا غنى عنها لكل حاج يرغب في زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والسلام عليه وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر، رضوان الله عليهما.
وتستعد كافة القطاعات الحكومية والخاصة في المدينة المنورة بكامل طاقتها لاستقبال هذه الأعداد الكبيرة، وتوفير أفضل الخدمات التي تضمن راحة الحجاج وسلامتهم خلال فترة إقامتهم.
أعلنت السلطات المحلية في المدينة المنورة عن خطة موسعة لاستيعاب تدفق الحجاج، بدأت فعليًا مع بدء مغادرة أفواج الحجاج من مكة بعد أيام التشريق.
وتشمل هذه الخطة استعدادات مكثفة في قطاعات النقل والصحة والإسكان والأمن، إلى جانب جهود تنظيمية على أعلى مستوى بالتنسيق مع وزارة الحج والعمرة، والهيئة الملكية للمدينة المنورة، وهيئة تطويرها، إضافة إلى الجهات الأمنية.
تهدف الخطة إلى تسهيل حركة الحجاج وضمان حصولهم على كافة الخدمات الأساسية بيسر وسهولة. ويتم العمل على مدار الساعة لتنفيذ هذه الخطة ومتابعة كافة التفاصيل لضمان نجاحها.
في محيط المسجد النبوي، رفعت وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي مستوى الجاهزية لاستقبال الزائرين، عبر فتح كافة المداخل وتنظيم حركة الحشود داخل الحرم وساحاته.
وتم تعزيز الفرق الميدانية لضمان النظافة والتعقيم، كما تم توفير فرق تطوعية بلغ عددها الآلاف من الشباب والشابات السعوديين لتقديم المساعدة والإرشاد بلغات متعددة، في صورة تجسّد القيم الإسلامية الأصيلة وحسن الضيافة.
تولي الوكالة اهتمامًا خاصًا بنظافة المسجد النبوي وتوفير مياه الشرب المبردة للحجاج. كما يتم توزيع المصاحف والكتب الدينية على الزائرين.
وفي الجانب الصحي، أعلنت الشؤون الصحية في المدينة المنورة عن جاهزية مستشفياتها ومراكزها الصحية، مع توفير فرق إسعافية متنقلة داخل المناطق المحيطة بالمسجد النبوي، وتوزيع كتيبات توعوية بعدة لغات تتناول الإرشادات الصحية والوقائية.
كما تم تخصيص فرق طبية داخل الحافلات والمحطات التي تنقل الحجاج، للتعامل مع أي حالات طارئة أثناء التنقل. تم تجهيز المستشفيات والمراكز الصحية بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية، وتوفير الكوادر الطبية المؤهلة للتعامل مع كافة الحالات المرضية وتعمل الفرق الطبية على مدار الساعة لتقديم الرعاية الصحية اللازمة للحجاج.
أما على صعيد النقل، فقد تم تشغيل قطار الحرمين السريع بكامل طاقته، بهدف ضمان وصول الحجاج إلى المدينة المنورة بكل يسر وسلاسة. وتم تخصيص مراكز استقبال في مداخل المدينة لفرز الحجاج، وتوجيههم إلى أماكن سكنهم المعتمدة، ضمن منظومة إلكترونية متكاملة.
يسهم قطار الحرمين السريع بشكل كبير في تخفيف الازدحام المروري وتسهيل حركة الحجاج بين مكة المكرمة والمدينة المنورة. وتعمل الجهات المعنية على توفير كافة وسائل النقل المريحة والآمنة للحجاج.
وهكذا، تظل المدينة المنورة على العهد، حاضنةً لروحانية ما بعد الحج، ومجسدةً لواجب الخدمة الذي تتشرف به المملكة في رعاية ضيوف الرحمن، من لحظة وصولهم وحتى مغادرتهم، في تجربة إيمانية لا تُنسى.
تسعى المملكة العربية السعودية دائمًا إلى تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وتوفير كافة سبل الراحة والأمان لهم خلال فترة إقامتهم في الأراضي المقدسة. وتعتبر خدمة الحجاج شرفًا عظيمًا تتشرف به المملكة.