شهدت أسعار الفضة ارتفاعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، لتسجل أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من 14 عاماً. هذا الارتفاع الكبير مدفوع بشكل أساسي بزيادة إقبال المستثمرين الذين يبحثون عن بدائل استثمارية للذهب، الذي يقترب بدوره من مستوياته القياسية. بالإضافة إلى ذلك، يساهم تصاعد الطلب في تفاقم مشكلة شح المعروض المادي من الفضة، مما يدفع الأسعار إلى مزيد من الارتفاع. وقد ارتفع سعر الفضة الفورية بنسبة وصلت إلى 1.8%، لتضاف إلى مكاسب بلغت 4% خلال الأسبوع الماضي، مما يعكس قوة الزخم الصعودي في السوق.
ارتفاع تكلفة الاقتراض وزيادة حيازات الصناديق
تشير بيانات "بلومبرج" إلى أن تكلفة الاقتراض الضمني للفضة لمدة شهر قد ارتفعت بشكل كبير، لتتجاوز 6%، مقارنة بمعدلها المعتاد القريب من الصفر. يعكس هذا الارتفاع الحاد زيادة الطلب على الفضة المادية وتنافس المستثمرين للحصول عليها. وفي الوقت نفسه، ارتفعت حيازات صناديق المؤشرات المدعومة بالفضة بشكل ملحوظ منذ شهر فبراير الماضي، حيث زادت بنحو 2550 طناً. يعكس هذا التوجه ثقة المستثمرين في إمكانات الفضة كملاذ آمن ووسيلة للتحوط ضد التضخم والمخاطر الاقتصادية.
الذهب باهظ الثمن يدفع المستثمرين نحو الفضة
أوضحت بريانكا ساشديفا، المحللة في شركة "فيليب نوفا" بسنغافورة، أن "الطلب على الفضة يستفيد حالياً من تهديدات الحروب التجارية، ومن كون الذهب خارج متناول الكثيرين". وأشارت إلى أن "الذهب شهد صعوداً هائلاً وأصبح مكلفاً للغاية، ما يدفع المستثمرين للبحث عن بدائل أرخص". تعتبر الفضة بديلاً جذاباً للذهب، حيث تقدم قيمة مماثلة كملاذ آمن ولكن بتكلفة أقل، مما يجعلها في متناول شريحة أوسع من المستثمرين.
مخاوف السياسة التجارية الأمريكية وتأثيرها على الأسعار
ساهمت المخاوف المتعلقة بالسياسة التجارية الأمريكية في تعزيز أسعار الفضة. فقد تلقت المكسيك – أكبر منتج للفضة في العالم والمورد الرئيسي للسوق الأمريكية – تهديداً بفرض تعريفة جمركية بنسبة 30%. ورغم أن اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) تستثني الفضة من الرسوم الجديدة، فإن بعض المتعاملين أعربوا عن مخاوفهم من إمكانية مراجعة هذه الاستثناءات في المستقبل. أي تغيير في هذه الاتفاقية قد يؤدي إلى تقييد المعروض من الفضة في السوق الأمريكية، وبالتالي زيادة الأسعار.
توقعات مستقبلية لسوق الفضة
بالنظر إلى العوامل التي تدفع أسعار الفضة إلى الارتفاع، من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الصعودي في المستقبل القريب. فالطلب المتزايد من المستثمرين، وشح المعروض المادي، والمخاوف الجيوسياسية، كلها عوامل تساهم في دعم الأسعار. ومع ذلك، يجب على المستثمرين أيضاً أن يكونوا على دراية بالمخاطر المحتملة، مثل التغيرات في السياسة النقدية، والتقلبات في أسواق العملات، والتطورات في السياسة التجارية. بشكل عام، يظل سوق الفضة فرصة استثمارية واعدة، ولكنها تتطلب دراسة متأنية وتحليل دقيق.