شهدت مصر يوم الثالث من يوليو تحولاً تاريخياً فارقاً، حيث أعلن الجيش انحيازه إلى صوت الشعب، معلناً ما وصفه بـ "نهاية حكم المرشد" و "شهادة وفاة الجماعة الإرهابية". جاء ذلك بعد خروج ملايين المصريين في مظاهرات حاشدة مطالبين برحيل النظام، رافعين الكارت الأحمر في وجه ممارساته وسياساته التي أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد. يرى مراقبون أن هذا التحرك يمثل ثورة مكتملة الأركان أنقذت مصر من مصير مظلم كان يلوح في الأفق.
بيان القوات المسلحة: خارطة طريق للمستقبل
تضمن بيان القوات المسلحة، الذي ألقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسي آنذاك، خارطة طريق للمرحلة الانتقالية، تضمنت إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتشكيل حكومة كفاءات وطنية تتولى إدارة شؤون البلاد. كما أكد البيان على احترام الدستور والقانون وحماية حقوق الإنسان والحريات العامة. لاقى البيان ترحيباً واسعاً من مختلف القوى السياسية والشعبية، التي اعتبرته استجابة لمطالب الثورة وتأكيداً على دور الجيش الوطني في حماية الوطن ومصالح شعبه. وشدد البيان على ضرورة نبذ العنف والتطرف والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
وقد عبر سياسيون ومحللون عن ارتياحهم لهذا التحول، مؤكدين أنه يمثل فرصة حقيقية لبناء مصر الجديدة، دولة ديمقراطية حديثة تحترم حقوق الإنسان وتلتزم بمبادئ العدالة والمساواة. وأشاروا إلى أن نجاح هذه المرحلة يتطلب تضافر جهود جميع القوى الوطنية، وتغليب المصلحة العليا للوطن على أي اعتبارات أخرى. وأكد الدكتور أحمد السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن "ما حدث هو تصحيح لمسار الثورة، وإنقاذ لمصر من براثن جماعة إرهابية كانت تسعى إلى فرض سيطرتها على البلاد".
في المقابل، رفضت قيادات الجماعة الإرهابية هذا التحرك، واعتبرته "انقلاباً عسكرياً" على الشرعية الدستورية، ودعت أنصارها إلى التظاهر والاعتصام في الميادين. إلا أن هذه الدعوات لم تلق استجابة واسعة من قبل الشعب المصري، الذي أدرك خطورة الموقف وأهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار. وشهدت البلاد حالة من الهدوء الحذر، مع انتشار مكثف لقوات الجيش والشرطة في الشوارع والميادين لتأمين المنشآت الحيوية وحماية المواطنين.
تعتبر هذه اللحظة التاريخية نقطة تحول حاسمة في تاريخ مصر الحديث، وتمثل فرصة سانحة لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. يتطلب ذلك العمل الجاد والمخلص من قبل جميع أبناء الوطن، وتغليب الحوار والتفاهم على الخلافات والصراعات، والتركيز على تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي تلبي احتياجات الشعب وتطلعاته.
"إن مصر قادرة على تجاوز هذه المرحلة الصعبة، وتحقيق آمالها وطموحاتها في التقدم والازدهار، بفضل وحدة شعبها وإخلاص جيشها وحكمة قيادتها." - تصريح للرئيس السابق عدلي منصور.