مع بدء العد التنازلي، يترقب سكان النصف الشمالي من الكرة الأرضية، بما في ذلك المنطقة العربية، بداية فصل الصيف فلكياً، والذي تفصلنا عنه أسبوعان فقط.

 

ومن المقرر أن يحل الانقلاب الصيفي يوم الخميس الموافق 20 يونيو/حزيران 2024، معلناً بشكل رسمي عن بدء أطول أيام السنة وأقصر لياليها، وممهداً الطريق أمام ثلاثة أشهر من الأجواء الحارة والأنشطة الموسمية المميزة.

 

ويأتي هذا التحول الفلكي في وقت بدأت فيه درجات الحرارة بالارتفاع فعلياً في معظم الدول العربية، مما يجعل الاستعداد الرسمي لهذا الفصل ضرورة ملحة على الصعيدين الصحي والبيئي لمواجهة التحديات المناخية المتوقعة.

 

الانقلاب الصيفي: ظاهرة فلكية تحدد أطول نهار في العام

يُعرَّف الانقلاب الصيفي بأنه اللحظة التي تصل فيها الشمس إلى أقصى نقطة شمالية لها في السماء، وتكون أشعتها عمودية تماماً على مدار السرطان عند خط عرض 23.5 درجة شمالاً. تحدث هذه الظاهرة نتيجة لميل محور دوران الأرض بمقدار 23.5 درجة تقريباً أثناء دورانها حول الشمس.

 

في هذا اليوم، يبلغ النهار ذروة طوله في نصف الكرة الشمالي، بينما يحدث العكس تماماً في نصف الكرة الجنوبي الذي يشهد الانقلاب الشتوي. وبعد تاريخ 20 يونيو/حزيران، ستبدأ ساعات النهار بالتناقص تدريجياً وببطء شديد في البداية، ثم بوتيرة أسرع مع الاقتراب من الاعتدال الخريفي في شهر سبتمبر/أيلول.

 

التأثيرات المناخية على المنطقة العربية

على الرغم من أن الأرصاد الجوية تعتبر أن الصيف يبدأ مناخياً مع بداية شهر يونيو/حزيران، إلا أن البداية الفلكية تمثل نقطة تحول مهمة. فمع الانقلاب الصيفي، تزداد زاوية سقوط أشعة الشمس بشكل مباشر، مما يرفع من كمية الإشعاع الشمسي التي تصل إلى سطح الأرض، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع مطرد في درجات الحرارة. تشتهر المنطقة العربية في هذا الفصل بسيطرة المرتفعات الجوية شبه المدارية التي تؤدي إلى استقرار الأجواء وصفاء السماء، مما يسمح بتسخين سطحي فعال. كما تنشط رياح "البوارح" أو "السموم" في بعض المناطق، وهي رياح شمالية جافة وحارة تزيد من الإحساس بالحرارة وتثير الغبار أحياناً.

 

صرح خبير الأرصاد الجوية، الدكتور علي الحمدان، قائلاً: "الانقلاب الصيفي لا يمثل مجرد بداية فصل على التقويم، بل هو نقطة تحول تؤذن ببدء سيطرة تامة للكتل الهوائية الحارة والجافة. نتوقع أن يشهد هذا الصيف موجات حر أطول وأكثر شدة من المعدلات السابقة، مما يستدعي استعداداً مبكراً على كافة الأصعدة، خاصة فيما يتعلق بإدارة الموارد المائية والطاقة، واتباع إرشادات السلامة العامة."

 

استعدادات صحية واجتماعية لاستقبال الفصل الأكثر حراً

تزامناً مع قرب حلول الصيف، تشدد السلطات الصحية والمختصون على ضرورة اتخاذ تدابير وقائية للتعامل مع الارتفاع المتوقع في درجات الحرارة. وتتركز النصائح على شرب كميات كافية من الماء والسوائل للحفاظ على ترطيب الجسم وتجنب خطر الجفاف وضربات الشمس.

 

كما يُنصح بـتجنب الخروج والتعرض المباشر لأشعة الشمس في ساعات الذروة، والتي تمتد عادةً من الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى الرابعة عصراً. ويعد ارتداء ملابس قطنية خفيفة وفضفاضة وذات ألوان فاتحة من الأمور الهامة التي تساعد على عكس أشعة الشمس وتخفيف الإحساس بالحرارة.

 

بالإضافة إلى ذلك، يُحث الأفراد على الاهتمام بالفئات الأكثر ضعفاً كالأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية لتجنب الضغط على الشبكات العامة.

 

في الختام، يقف العالم على أعتاب فصل جديد يحمل معه تحدياته المناخية وفرصه الاجتماعية. وبينما يمثل الانقلاب الصيفي حدثاً فلكياً بديعاً، فإنه يذكرنا بأهمية التكيف مع طبيعة كوكبنا المتغيرة والاستعداد الجيد لمواسمه المختلفة.

 

ويستمر فصل الصيف هذا العام لمدة 93 يوماً و15 ساعة و52 دقيقة، لينتهي رسمياً مع حلول الاعتدال الخريفي يوم 22 سبتمبر/أيلول المقبل، لتبدأ رحلة جديدة نحو توازن الليل والنهار.