في بادرة خير تهدف إلى حقن الدماء ونشر السلام، نجحت لجان المصالحات بالأزهر الشريف، بالتعاون مع القيادات الشعبية والتنفيذية بمحافظة قنا، في إنهاء خصومة ثأرية استمرت قرابة 12 عامًا بين عائلتين بمركز فرشوط، شمالي محافظة قنا. وقد شهدت قرية العسيرات بمركز فرشوط، اليوم، مراسم الصلح التاريخي بحضور حشود غفيرة من الأهالي والقيادات الدينية والأمنية والشعبية، في مشهد يعكس رغبة المجتمع الصعيدي في نبذ العنف والتفرغ للتنمية والرخاء.

وقد بذلت لجان المصالحات بالأزهر جهودًا مضنية على مدار الأشهر الماضية، تكللت بالنجاح في تقريب وجهات النظر بين العائلتين المتخاصمتين، وتذليل العقبات التي كانت تحول دون إتمام الصلح. وتضمنت جهود المصالحة عقد لقاءات مكثفة مع أفراد العائلتين، والاستماع إلى مطالبهم وشكواهم، وتقديم النصح والإرشاد لهم، والتأكيد على أهمية العفو والتسامح في الدين الإسلامي. كما قامت لجان المصالحات بالتنسيق مع القيادات الأمنية والتنفيذية لتوفير المناخ المناسب لإتمام الصلح، وضمان عدم تجدد الخلافات بين العائلتين.

وقد أشاد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بالجهود التي بذلتها لجان المصالحات في إنهاء هذه الخصومة الثأرية، مؤكدًا على أن الأزهر الشريف سيظل دائمًا حريصًا على القيام بدوره في نشر السلام والمحبة والتسامح بين الناس، وحقن الدماء، وحماية الأرواح. وأضاف فضيلته أن هذه المصالحة تمثل نموذجًا يحتذى به في حل النزاعات والخلافات بالطرق السلمية، وأنها تبعث الأمل في نفوس أبناء الصعيد في مستقبل أفضل يسوده الأمن والاستقرار والازدهار. كما دعا فضيلته جميع الأطراف إلى الالتزام ببنود الصلح، ونبذ العنف والتطرف، والتعاون من أجل بناء مجتمع قوي ومتماسك.

وقد عبر أفراد العائلتين المتخاصمتين عن سعادتهم بإتمام الصلح، مؤكدين على أنهم طووا صفحة الماضي، وأنهم سيعملون جنبًا إلى جنب من أجل بناء مستقبل مشرق لأبنائهم وأحفادهم. كما تعهدوا بالالتزام ببنود الصلح، وعدم العودة إلى العنف أو الثأر، والتعاون مع الجهات الأمنية والتنفيذية في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. وقد شهدت مراسم الصلح تبادل التهاني والتبريكات بين أفراد العائلتين، في جو يسوده الفرح والسرور والتفاؤل.

وتعتبر هذه المصالحة إنجازًا كبيرًا يضاف إلى سجل لجان المصالحات بالأزهر الشريف، التي نجحت في إنهاء العديد من الخصومات الثأرية والنزاعات القبلية في مختلف أنحاء الجمهورية. وتؤكد هذه المصالحة على الدور الهام الذي يلعبه الأزهر الشريف في نشر قيم التسامح والمحبة والسلام في المجتمع، وفي حل النزاعات والخلافات بالطرق السلمية، وبناء مجتمع قوي ومتماسك يسوده الأمن والاستقرار والازدهار. ومن المتوقع أن يكون لهذه المصالحة أثر إيجابي كبير على الأمن والاستقرار في محافظة قنا، وأن تساهم في تعزيز التنمية والرخاء في المنطقة.