تستأنف محكمة جنايات مستأنف الدائرة الثالثة بدمنهور، برئاسة المستشار أشرف عبد الحفيظ عياد، وعضوية كل من المستشار إيهاب الشنوانى والمستشار فخر الدين عبد التواب، والمستشار محمد سعيد، بعد غد الاثنين الموافق 23 يونيو الجاري، جلسة استئناف المتهم "ص.ك.ج" في قضية اتهامه بواقعة الطفل ياسين. تأتي هذه الجلسة بعد أن أودعت الدائرة الأولى جنايات دمنهور حيثيات حكمها في القضية رقم 33773 لسنة 2024 جنايات مركز دمنهور ضد المتهم "ص"، والمتهم فيها بهتك عرض الطفل، وهي القضية التي عُرفت إعلاميًا بـ "واقعة الطفل ياسين".
كانت المحكمة قد استندت في حكمها السابق إلى أركان جناية هتك العرض بالقوة، موضحة أن الركن المادي لهذه الجريمة يشمل الفعل المخل بالحياء وهو سلوك الجاني، بالإضافة إلى عنصري القوة أو التهديد. وأكدت المحكمة أن الحق المعتدى عليه في جناية هتك العرض هو الحرية الجنسية للمجني عليه، سواء كان رجلاً أو امرأة، طفلًا أو طفلة. ويتميز الفعل الذي يقع به هتك العرض بمساسه بجسم المجني عليه، وهو الإخلال العمدي بالحياء العرضي بفعل يقع على جسم المجني عليه ويمس عورة فيه ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية. الفكرة الأساسية في هذا الفعل هي أنه يمس حصانة الجسم وحماية المناعة الأدبية التي يصون بها الرجل أو المرأة عرضه من أية ملامسة مخلة بالحياء.
وأوضحت المحكمة أنه لا يلزم لتحقق جريمة هتك العرض الكشف عن العورة، كما لا يشترط فيه أن يترك أثرا بجسم المجني عليه. فالجريمة تقع حتى ولو كان كل من الجاني والمجني عليه يحتفظان بملابسهما كاملة، فهي تقع بمجرد ملامسة الجاني مواضع العفة أو العورة بجسم المجني عليه. ويكفي لتوفر هذا الركن أن يكون الفعل الواقع على جسد المجني عليه قد بلغ حدا من الفحش والإخلال بالحياء العرضي يسوغ اعتباره هتكا للعرض. أما عن عنصري القوة أو التهديد في الركن المادي لهذه الجريمة، فإن لفظ القوة ينصرف إلى الإكراه المادي، ولفظ التهديد يعني الإكراه المعنوي، والإكراه المعنوي يتمثل في ضغط يمارسه الجاني على نفسية وشعور المجني عليه بحيث يفسد حريته في الاختيار فلا يمارسها بالشكل الطبيعي بما من شأنه سلب إرادته.
واستندت المحكمة في حكمها السابق إلى ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة، وإلى تساند الأدلة القولية والفنية التي ارتاحت إليها، وإلى تعرف الطفل المجني عليه على المتهم خلال العرض القانوني، وصدق رواية الشهود، وما ثبت بتقرير الطب الشرعي وشهادة الطبيب الشرعي. كما تعرضت المحكمة عن إنكار المتهم للاتهام، واعتبرته وسيلة للتنصل من الاتهام والإفلات من العقاب. وأكدت المحكمة أنها حسب ما اطمأن وجدانها إلى أدلة الثبوت التي ساقتها سلطة الاتهام في الدعوى، قد تيقنت من ارتكاب المتهم للجريمة المرفوعة بها الدعوى.
وفي ختام حيثيات الحكم، أكدت المحكمة أنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن يبني كل دليل منها، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي. وبعد الاطلاع على المواد، حكمت المحكمة حضوريا بمعاقبة المتهم "ص" بالسجن المؤبد عما أسند إليه وألزمته بالمصاريف الجنائية وفي الدعوى المدنية المقامة من الولى الطبيعى على الطفل المجنى عليه باحالتها إلى المحكمة المختصة وأبقت الفصل فيها. ومن المنتظر أن تشهد جلسة الاستئناف بعد غد الاثنين تقديم دفوع جديدة من قبل دفاع المتهم، ومناقشة الأدلة المقدمة من النيابة العامة. وسيترقب الرأي العام المصري عن كثب نتيجة هذه الجلسة، نظرًا لحساسية القضية وتعلقها بسلامة الأطفال.