في مثل هذا اليوم، العاشر من يونيو، تحل الذكرى التسعين لميلاد الفنانة القديرة زهرة العلا، التي ولدت عام 1934 بحي محرم بك بالإسكندرية.
كانت زهرة العلا رمزًا للجمال والرومانسية في السينما المصرية الكلاسيكية، وتركت بصمة لا تُمحى في ذاكرة الأجيال.
اشتهرت بأدوارها الطيبة والرقيقة، وأسهمت في إثراء الشاشة الفضية والتلفزيونية بأعمال فنية خالدة.
بدايات موهبة واعدة ورعاية فنية
منذ نعومة أظفارها، أبدت زهرة العلا شغفًا كبيرًا بالفن، وتجلت موهبتها في فرقة التمثيل المدرسية. حظيت بدعم كبير من بيئة فنية محيطة، خاصةً صداقة والدها بالفنان القدير يوسف وهبي. رغم ترددها المستمر على مسرح وهبي، إلا أنه رفض انضمامها لصغر سنها.
لم تستسلم زهرة العلا، فالتحقت بمعهد التمثيل وتخرجت عام 1954 كالأولى على دفعتها. تلقت رعاية خاصة من المسرحي الكبير زكي طليمات، الذي تبناها فنيًا وشاركت معه في عدة مسرحيات بارزة مثل "البخيل" و"مريض بالوهم" و"حورية من المريخ".
"أنا بنت ناس" والانطلاقة السينمائية
اتجهت زهرة العلا إلى السينما، وظهرت للمرة الأولى في فيلم "خدعني أبي" مع عزيزة أمير، لكن انطلاقتها الحقيقية كانت من خلال فيلم "أنا بنت ناس".
هذا الفيلم فتح أمامها أبواب الشهرة، ووصفها يوسف وهبي بعده بأنها "ممثلة عالمية". شاركت بعد ذلك في العديد من الأفلام الهامة، وأثبتت قدرتها على تجسيد مختلف الأدوار ببراعة وإتقان.
سنيدة لا تُنسى وأدوار خالدة
على الرغم من موهبتها المتميزة وجمالها الآخاذ، حُصرت زهرة العلا في أدوار "الفتاة الطيبة" أو "السنيدة"، حيث كانت صديقة البطلة في معظم أعمالها. وقد اعترفت هي بذلك قائلة: أنا السبب في ذلك، وافقت على البطولة الثانية حبًا في الشخصيات التي كنت أقدمها، ولم يكن يهمني حجم الدور بقدر عمقه وتأثيره.
قدمت زهرة العلا أكثر من 120 فيلمًا سينمائيًا، من بينها: المرأة المجهولة، سر طاقية الإخفاء، رد قلبي، في بيتنا رجل، جميلة بوحريد، أيامنا الحلوة، الوسادة الخالية، دعاء الكروان (دور "هنادي" الشهير الذي لقبها به الجمهور)، سواق الأوتوبيس.
وقد اختير ستة من أفلامها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية في استفتاء عام 1996.
الوجه الدرامي للتلفزيون والنهاية المؤلمة
مع انطلاق التلفزيون المصري، كانت زهرة العلا من أوائل نجماته، وشاركت في أولى مسلسلاته "بنت الحتة" مع صلاح قابيل.
توالت مشاركاتها حتى وصلت إلى أكثر من 50 مسلسلًا، من أبرزها "الزوجة آخر من يعلم"، الذي كان آخر ظهور لها على الشاشة. بعد رحلة فنية تجاوزت 55 عامًا، اعتزلت زهرة العلا الفن إثر إصابتها بالشلل، وابتعدت تمامًا عن الأضواء حتى رحلت عن عالمنا في عام 2013.
دُفنت في مقابر الغفير بجوار زوجها المخرج حسن الصيفي، بناء على وصيتها. ستبقى زهرة العلا أيقونة رومانسية لا تتكرر، ورمزًا للرقة والبراءة في زمن الأبيض والأسود ستظل "هنادي" وجهًا لا يُنسى في قلوب عشاق الفن الجميل.