مع إشراقة شمس كل يوم، يتجدد الأمل وتتفتح القلوب لذكر الله تعالى، امتثالاً لأمره الكريم: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾. ففي أذكار الصباح سكينة للنفس وطمأنينة للقلب، وهي بمثابة درع حصين يحمي المسلم من شرور الدنيا وهمومها. إنها سنة نبوية مؤكدة، حث عليها الشرع الشريف، لما لها من عظيم الأثر في حياة المؤمن.
أذكار الصباح ليست مجرد كلمات تتلى، بل هي معانٍ عميقة تتجسد في حياة المسلم. ففيها توحيد لله، واعتراف بربوبيته، واستعانة به في كل الأمور. ففي قولنا: "أصبحنا وأصبح الملك لله"، إقرار بأن الملك كله لله وحده، وأننا عبيد له. وفي قولنا: "ربِّ أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده"، دعاء بأن ييسر الله لنا الخير في كل ما نأتي ونذر، وأن يصرف عنا الشرور والآفات. هذه المعاني تترسخ في القلب وتنعكس على سلوك المسلم.
ومن بين الأذكار المأثورة التي ينصح بالحرص عليها في الصباح: قراءة آية الكرسي، وسور الإخلاص والمعوذتين ثلاث مرات، والدعاء المأثور: "اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور". كما يُستحب الإكثار من الاستغفار والتسبيح والتهليل، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. هذه الأذكار تملأ القلب نوراً وتزكي النفس، وتجعل المسلم في معية الله وحفظه.
إن الالتزام بأذكار الصباح ليس مجرد عادة، بل هو عبادة عظيمة وقربة إلى الله تعالى. ففيها امتثال لأوامره، واقتداء بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتزكية للنفس وتطهير للقلب. كما أنها سبب في جلب الخيرات ودفع الشرور، وتحقيق السعادة والرضا في الدنيا والآخرة. فلا ينبغي للمسلم أن يفرط في هذا الخير العظيم، وأن يحرص على أداء أذكار الصباح بانتظام وإخلاص.
فلنجعل من أذكار الصباح عادة يومية لا نتخلف عنها، ولنتدبر معانيها ونستشعر أثرها في حياتنا. لنجعلها نوراً يضيء لنا الطريق، ودرعاً يحمينا من الشرور، وسبيلاً إلى السعادة والرضا. ففي ذكر الله حياة القلوب، وراحة النفوس، وطمأنينة الأرواح. فلا ننسى أن نبدأ يومنا بذكر الله، ونختمه بالاستغفار.
"أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ربِّ أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده وأعوذ بك من شر ما في هذا اليوم وشر ما بعده ربِّ أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، ربَّ أعوذ بك من عذابٍ في النار وعذاب في القبر"