انطلقت الجلسة الافتتاحية للبرنامج التدريبي "صُنّاع التأثير" بمعهد إعداد القادة بخلوان، التابع لوزارة التعليم العالي، وذلك بحضور الإعلامي الدكتور خالد سعد، في خطوة تهدف إلى بناء جيل جديد من الإعلاميين الشباب. يأتي هذا البرنامج ضمن خطة استراتيجية متكاملة تستهدف تمكين الشباب من التعامل بوعي مع أدوات الإعلام الرقمي الحديثة، وصناعة محتوى إعلامي يعزز الانتماء الوطني، ويواجه الشائعات والمعلومات المضللة بمهنية ورؤية وطنية واضحة. ويهدف البرنامج إلى إعادة تشكيل الوعي من الداخل، عبر تمكين الشباب من قراءة المشهد الإعلامي المعاصر بلغة العصر.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور كريم همام، مستشار وزير التعليم العالي للأنشطة الطلابية، ورئيس معهد إعداد القادة، على أهمية الإعلام في العصر الحالي. وأشار إلى أن الإعلام أصبح ساحة مفتوحة تتطلب وعيًا وفكرًا والتزامًا من كل من يمتلك أداة نشر. وأوضح أن برنامج "صُنّاع التأثير" لا يُعد تدريبًا تقنيًا بالمعنى التقليدي، بل هو مشروع وطني متكامل يستهدف بناء إعلاميين شباب يفكرون بعمق، ويتحدثون بمسؤولية، ويُدركون أن ما يكتبونه أو ينشرونه قد يُغيّر رأيًا عامًا أو يُشكل اتجاهًا مجتمعيًا بأكمله. وشدد على أن الإعلام الآن في قلب كل بيت، ومن هنا تأتي خطورته، ومن هنا أيضًا تتضاعف مسؤوليته.
من جانبه، ألقى الدكتور خالد سعد، كبير مذيعي التليفزيون المصري، كلمة تخللتها خبرات حقيقية وملامح إنسانية من واقع العمل الإعلامي. وقال إن الإعلام لم يعد ترفًا، بل هو أحد أبرز أذرع الدولة في معركة الوعي، ودرعها الناعم في مواجهة الحروب النفسية والمعلوماتية.وأكد أن الكلمة إذا خرجت دون مسؤولية تتحول إلى رصاصة طائشة قد تُصيب الوعي وتُربك الرؤية، أما الكلمة الصادقة الواعية فهي التي تصنع العقول وتبني المجتمعات. وأوضح أن الإعلامي لا يُمنح منبرًا لمجرد ظهوره، بل يُصنع من خلال القراءة، والاطلاع، والتفكير، والتزامه بالقيم المهنية.
كما دعا الدكتور خالد سعد الشباب إلى ألا ينخدعوا ببريق الانتشار السريع، بل يسعوا إلى التأثير العميق، وإلى بناء محتوى يُحترم قبل أن يُشارك، ويُقدّر قبل أن يُصفق له. وأدار حوارًا مع الطلاب، ناقش خلاله قضايا مهمة تتعلق بالفروقات بين الخبر والدعاية، وبين الإعلام التقليدي والمحتوى الفوري، وسلط الضوء على أهمية أن يكون الإعلامي دائم التحقق من المعلومة، واعيًا بخلفية ما ينقله، مدركًا أن كل خبر يكتبه أو ينشره قد يحمل أثرًا اجتماعيًا ونفسيًا طويل المدى.
ويتضمن البرنامج التدريبي زيارة ميدانية لمدينة الإنتاج الإعلامي، وتدريبات عملية متقدمة في مجالات التصوير والإنتاج باستخدام الهاتف المحمول، وصناعة المحتوى الرقمي، وبناء الرسائل الإعلامية، والتسويق الإلكتروني. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن البرنامج ورش تطبيقية داخل استوديوهات مدينة الثقافة والعلوم، تُحاكي واقع العمل الإعلامي بكل تفاصيله الدقيقة، وتمكن الطلاب من خوض تجربة واقعية تدمج ما بين المهنية والتقنية والفكر التحريري. ويُختتم البرنامج بعرض مشروعات طلابية إعلامية من إنتاج المشاركين، تُجسد ما اكتسبوه من مهارات وخبرات عملية، على أن يتم تكريم النماذج الأكثر تميزًا في حفل ختامي يُمثل تتويجًا لتجربتهم التدريبية. يهدف البرنامج إلى تخريج جيل إعلامي جديد يحمل الوعي، ويُجيد التأثير، ويضع مصر في صدارة المشهد الإعلامي بأبناء مؤمنين بالرسالة وقادرين على صناعتها بصدق وقوة.