يشهد الاقتصاد العالمي حالة من الارتباك المتزايد، مدفوعًا بتداعيات الأشهر الخمسة الأولى من رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة، وهو ما سيجعل هذا الموضوع محورًا رئيسيًا للنقاش بين أبرز رؤساء البنوك المركزية العالمية. من بين المشاركين البارزين رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ورئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، وذلك خلال منتدى البنك المركزي الأوروبي المقرر عقده بمدينة سينترة البرتغالية بعد غد الثلاثاء. يأتي هذا الاجتماع في ظل ترقب حذر يسيطر على الأسواق المالية العالمية، مع تزايد المخاوف بشأن مستقبل النمو الاقتصادي.
وذكرت شبكة "بلومبيرج" الإخبارية، اليوم الأحد، أن المنتدى سيشهد طرح تساؤلات ملحّة حول كيفية مواجهة العواقب الاقتصادية الناجمة عن القرارات الصادرة من البيت الأبيض. وتشمل هذه التساؤلات تأثير السياسات الجمركية المتبعة، بالإضافة إلى تقلبات أسعار النفط الناتجة عن التوترات الجيوسياسية المستمرة في منطقة الشرق الأوسط. يرى محللون أن هذه القضايا تتطلب استجابة منسقة من قبل البنوك المركزية الكبرى للحفاظ على الاستقرار المالي العالمي.
يأتي الاجتماع في توقيت بالغ الحساسية، إذ تعاني السياسة النقدية العالمية من حالة شلل نسبي بسبب التحدي المزدوج المتمثل في التحكم في التضخم وضمان استمرار النمو الاقتصادي. يعتبر التضخم المستمر تحديًا رئيسيًا، في حين أن تباطؤ النمو يضغط على البنوك المركزية لاتخاذ إجراءات تحفيزية. هذا التوازن الدقيق يمثل معضلة كبيرة لصناع السياسات النقدية حول العالم.
وعلى الرغم من أن البنك المركزي الأوروبي خفّض الفائدة مؤخرًا، إلا أنه لا يخطط لمزيد من التيسير في الوقت الحالي، في حين لا يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أو بنك اليابان المركزي أو بنك كوريا الجنوبية المركزي يعتزمون تعديل أسعار الفائدة قريبًا. تعكس هذه المواقف حالة الترقب والقلق التي تسيطر على صناع القرار النقدي، في انتظار اتضاح الرؤية بشأن التطورات الاقتصادية العالمية. يرى مراقبون أن البنوك المركزية تفضل حاليًا اتباع نهج "الانتظار والترقب" لتقييم تأثير الأحداث الجارية.
وفي السياق، تشير تصريحات كبار الاقتصاديين إلى أن التحليل العميق للقوى الاقتصادية الأساسية بات ضروريًا، عوضًا عن التركيز فقط على القرارات قصيرة الأجل. من المتوقع إجراء مناقشات حيوية خلال الاجتماع خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم حاليًا. يرى خبراء أن المنتدى يمثل فرصة حاسمة لقادة البنوك المركزية لتبادل وجهات النظر وتنسيق السياسات لمواجهة التحديات الاقتصادية المشتركة. إن القدرة على التوصل إلى توافق في الآراء ستكون حاسمة للحفاظ على الاستقرار المالي العالمي في الأشهر المقبلة.