في خطوة حاسمة تعكس سياسة عدم التهاون مع أي تقصير في المنظومة الصحية، قرر الدكتور هاني جميعة، وكيل وزارة الصحة بمحافظة البحيرة، إحالة مدير مخازن مستشفى دمنهور التعليمي للتحقيق الفوري.
جاء هذا القرار على خلفية جولة تفقدية مفاجئة قام بها وكيل الوزارة في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، والتي كشفت عن تقاعس المسؤول المذكور عن أداء مهام عمله وغيابه عن موقعه في وقت حرج.
وتهدف هذه الجولات المكثفة، التي وجهت بها وزارة الصحة والسكان، إلى ضمان انتظام سير العمل وتقديم الخدمات الطبية للمواطنين على أكمل وجه خلال العطلات الرسمية، والتأكد من جاهزية كافة المستشفيات والمرافق الصحية للتعامل مع أي طارئ.
تفاصيل الجولة المفاجئة وأبرز الملاحظات
بدأت وقائع الحادثة عندما قام الدكتور جميعة بزيارة غير معلنة لمستشفى دمنهور التعليمي، الذي يعد أحد أكبر الصروح الطبية في المحافظة، بهدف متابعة الانضباط الإداري ومستوى الخدمات المقدمة.
وخلال تفقده لأقسام المستشفى المختلفة، من الاستقبال والطوارئ إلى الأقسام الداخلية والعناية المركزة، لاحظ وكيل الوزارة وجود بعض القصور المتعلق بالجانب الإداري واللوجستي.
وعند التوجه إلى قسم المخازن، الذي يلعب دوراً محورياً في توفير المستلزمات الطبية والأدوية، تبين أن المدير المسؤول عن المخازن لم يكن متواجداً في مقر عمله، فضلاً عن عدم قيامه بالمهام الموكلة إليه لضمان انسيابية الإمدادات خلال فترة العيد، وهو ما يُعد إخلالاً جسيماً بالواجبات الوظيفية.
الإجراءات الفورية ورسالة الحزم
لم يتردد وكيل وزارة الصحة في اتخاذ إجراء فوري وحازم، حيث أصدر قراره على الفور بـإحالة مدير المخازن إلى إدارة الشؤون القانونية بمديرية الصحة للتحقيق العاجل في واقعة التقصير.
ومن المتوقع أن يشمل التحقيق مراجعة سجلات الحضور والانصراف، وتقييم أداء المسؤول خلال الفترة الماضية، وتحديد حجم الضرر الذي كان من الممكن أن يلحق بالمرضى نتيجة هذا التقاعس.
ويحمل هذا القرار رسالة واضحة لجميع العاملين في القطاع الصحي بالمحافظة، مفادها أن المسؤولية تتطلب التزاماً كاملاً وأن أي تهاون، خاصة في المناصب الحيوية، سيواجه بإجراءات رادعة دون استثناء، وذلك لضمان الحفاظ على سلامة المرضى وجودة الرعاية المقدمة لهم.
توجيهات مشددة لضمان جودة الخدمة
في أعقاب هذه الواقعة، وجه الدكتور هاني جميعة توجيهات مشددة لكافة مديري المستشفيات والوحدات الصحية في نطاق المحافظة، مؤكداً على ضرورة الالتزام الكامل بخطط العمل الموضوعة خلال فترة عيد الأضحى. وقد جاء في تصريحاته ما يؤكد على هذه الرؤية:"إن صحة المواطن المصري هي أولوية قصوى ولا يمكن المساس بها، ولن نسمح بأي تقصير أو إهمال يعرض حياة المرضى للخطر.
إن التواجد الفعلي للمسؤولين في مواقعهم ليس خياراً، بل هو واجب لا حياد عنه، خاصة في الأوقات التي تتزايد فيها الحاجة للخدمات الطبية. سنستمر في جولاتنا الميدانية المفاجئة على مدار الساعة لضمان الانضباط التام وتقديم أفضل خدمة طبية ممكنة لأهالينا في محافظة البحيرة."
كما أكد على ضرورة التواجد الفعلي للمديرين والفرق الإشرافية في مواقع عملهم، والمتابعة الدورية لمخزون الأدوية والمستلزمات الطبية، والتأكد من جاهزية فرق الطوارئ للتعامل مع أي زيادة محتملة في أعداد المترددين على المستشفيات.
في السياق الأوسع: الرقابة لتعزيز الأداء
تندرج هذه الحادثة ضمن إطار استراتيجية شاملة تتبناها وزارة الصحة والسكان لرفع كفاءة المنظومة الصحية في مصر، حيث تعد الجولات الرقابية المفاجئة إحدى الأدوات الرئيسية لتقييم الأداء على أرض الواقع وتحديد نقاط الضعف لمعالجتها بشكل فوري.
إن التركيز على الأدوار الإدارية واللوجستية، مثل إدارة المخازن، يبرز الوعي المتزايد بأن نجاح العمل الطبي لا يقتصر فقط على كفاءة الأطباء والتمريض، بل يعتمد بشكل أساسي على منظومة متكاملة تعمل بتناغم ودقة.
وعليه، فإن محاسبة المقصرين في هذه الأدوار الحيوية تمثل خطوة ضرورية لضمان عدم تعطل الخدمة الطبية وتحقيق الأمان الصحي الذي يستحقه كل مواطن.