مع اقتراب الذكرى الثمانين للهجمات النووية على مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان، تعود إلى الواجهة أسئلة ملحة حول مصير البشرية في حال تكرار هذا السيناريو المدمر.

 

ففي أغسطس من عام 1945، قُضي على أكثر من 200 ألف شخص معظمهم من المدنيين، نتيجة مباشرة للقنبلتين الأمريكيتين، بينما عانى الناجون من آثار صحية خطيرة وطويلة الأمد. وحتى اليوم تبقى تلك الهجمات الوحيدة التي استُخدمت فيها الأسلحة النووية خلال الحروب، لكن الخطر لا يزال قائما مع وجود ترسانات نووية هائلة في العالم.

 

على الرغم من مرور ثمانية عقود وتوقيع معاهدات منع الانتشار النووي، لا يزال في العالم أكثر من 12.200 رأس نووي مع بداية عام 2025، وفق تقارير حديثة تثير القلق، خاصة في ظل تجدد التوترات الإقليمية وتراجع الالتزامات الدولية تجاه نزع السلاح النووي.

 

هذا الواقع يضع العالم على حافة الهاوية، ويستدعي تضافر الجهود الدولية لتجنب كارثة محققة. إن سباق التسلح النووي يمثل تهديدًا وجوديًا للبشرية جمعاء، ويتطلب حلاً جذريًا يضمن السلام والأمن للجميع.

 

ماذا لو انفجرت قنبلة نووية اليوم؟ سيناريو مرعب

حاول موقع «science alert» طرح سيناريو تخيلي لانفجار قنبلة نووية اليوم، ورغم أن التحليل يبدو افتراضيًا بالكامل، إلا أن ما ورد في التقرير يوضح مدى الرعب الذي يمكن أن يترتب على مثل هذا الحدث. فالقنبلة الافتراضية التي استخدمها النموذج تبلغ قوتها واحد ميجا طن، أي أكبر بـ 80 مرة من قنبلة هيروشيما، ولكنها لا تزال أصغر بكثير من الأسلحة النووية المتوفرة حاليًا في ترسانات الدول النووية ذا السيناريو يوضح أن حتى انفجارًا نوويًا "صغيرًا" يمكن أن يتسبب في دمار كارثي.

 

 

تُطلق حوالي 35% من الطاقة الناتجة عن انفجار نووي كإشعاع حراري، يسافر بسرعة تقترب من سرعة الضوء، ويبدأ التأثير بوميض ضوء وحرارة مبهرين يكفيان لإصابة الأشخاص بعمى مؤقت يُعرف بـ«العمى الفلاشي»، ويمكن لهذا التأثير أن يصل إلى 21 كيلومترًا في وضح النهار، وإلى 85 كيلومترًا في الليل.

 

وتُسبب الحرارة الناتجة حروقًا من مختلف الدرجات: حروق خفيفة من الدرجة الأولى قد تطال أشخاصًا على بُعد 11 كيلومترًا، بينما قد تصيب حروق الدرجة الثالثة، القاتلة في كثير من الأحيان، من يبعدون 8 كيلومترات فقط عن مركز الانفجار.

 

في مركز الانفجار، تصل درجات الحرارة إلى 100 مليون درجة مئوية، أي نحو خمسة أضعاف حرارة نواة الشمس، وهي حرارة كافية لتحويل الجسم البشري إلى رماد فوريًا.

 

الشتاء النووي والإشعاع: تهديدات طويلة الأمد

يبقى خطر الإشعاع النووي قائمًا حتى لمن ينجون من الحرارة والانفجار، فالتعرض للإشعاع، خاصة إذا وقع الانفجار على الأرض، يتسبب في رفع كميات كبيرة من المواد المشعة إلى الغلاف الجوي، مكونة غبارًا نوويًا قد يبقى قاتلًا لأيام أو حتى سنوات.

 

لذا يُنصح بالابتعاد عن النوافذ بعد وقوع الكارثة. وبحسب دراسة محاكاة نُشرت في هولندا عام 2019، فإن اندلاع حرب نووية بين الولايات المتحدة وروسيا يمكن أن يُدخل الأرض في شتاء نووي خلال أيام، نتيجة تصاعد السخام والدخان إلى طبقات الجو العليا، ما يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة عالميًا وانهيار المحاصيل الزراعية.

 

آثار التجارب النووية ما زالت تطوف بالعالم، وتؤكد أن الإشعاع النووي لا يعرف حدودًا.

 

رغم أن السيناريوهات المعروضة افتراضية، إلا أنها تأتي كتذكير واضح بأن العالم لم يخرج بعد من ظل الخطر النووي. وبينما تبقى المعاهدات الدولية قائمة، فإن التطورات السياسية والعسكرية تجعل من الضروري الإبقاء على هذا الموضوع في صدارة الوعي العالمي.

 

يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في الحفاظ على السلام والأمن، والعمل بجدية على نزع السلاح النووي بشكل كامل ونهائي. إن مستقبل البشرية يعتمد على ذلك.