في مشهد غير مألوف يتناقض مع زحام الأعياد المعتاد، شهدت مدينة الإسكندرية في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، إقبالاً ضعيفاً ومحدوداً على وجهاتها السياحية والترفيهية الرئيسية، وعلى رأسها الشواطئ الممتدة على طول الكورنيش وحديقة حيوان النزهة
. هذا الهدوء الملحوظ أثار تساؤلات المراقبين والمواطنين على حد سواء، في ظل الاستعدادات الكبيرة التي قامت بها الجهات المعنية لاستقبال المصطافين والزوار.
وعلى عكس السنوات السابقة التي كانت تسجل فيها المدينة نسب إشغال قياسية، بدت المظلات والكراسي الشاطئية فارغة في معظمها، بينما اقتصر الحضور على أعداد قليلة من الأسر التي فضلت الخروج في الصباح الباكر قبل اشتداد حرارة الشمس، مما رسم صورة هادئة لعروس البحر الأبيض المتوسط في أحد أهم مواسمها.
الشواطئ العامة والخاصة.. هدوء يخالف التوقعات
على امتداد ساحل الإسكندرية، من المنتزه شرقاً وحتى العجمي غرباً، كان الهدوء هو السمة الغالبة على الشواطئ. فعلى الرغم من إعلان الإدارة المركزية للسياحة والمصايف عن جاهزية ٥٨ شاطئاً لاستقبال المواطنين بأسعار متنوعة، إلا أن نسب الإشغال لم ترقَ إلى مستوى التوقعات.
وبدت الشواطئ الشهيرة مثل ميامي والمندرة والبوريفاج، التي عادة ما تكتظ بالرواد، شبه خالية إلا من عدد قليل من المصطافين.
وقد أرجع بعض مستأجري الشواطئ هذا العزوف إلى الارتفاع الشديد في درجات الحرارة الذي شهدته المدينة، والذي دفع الكثير من الأسر إلى تفضيل البقاء في المنازل أو البحث عن بدائل ترفيهية في أماكن مغلقة ومكيفة، بدلاً من التعرض لأشعة الشمس المباشرة خلال ساعات الذروة.
حديقة حيوان النزهة.. غياب للزحام التقليدي
لم تكن حديقة حيوان النزهة، التي تعد تاريخياً مقصداً رئيسياً للأطفال والأسر المصرية خلال عطلات الأعياد، بأفضل حالاً من الشواطئ. فقد سجلت الحديقة أعداد زوار أقل بكثير من معدلاتها الطبيعية في مثل هذا اليوم. وعلى الرغم من الإجراءات التي اتخذتها إدارة الحديقة، مثل زيادة منافذ بيع التذاكر لمنع التكدس وتوفير كميات إضافية من الثلج للحيوانات لمواجهة الحر، إلا أن أعداد الزوار لم تتجاوز بضعة آلاف، وهو رقم ضئيل مقارنة بعشرات الآلاف الذين كانت تستقبلهم الحديقة في الأعياد السابقة. وبدا واضحاً غياب طوابير الانتظار الطويلة أمام بوابات الدخول، كما كانت المساحات الخضراء داخل الحديقة، المخصصة لجلوس العائلات، هادئة نسبياً.
موجة الحر والأعباء الاقتصادية.. تفسيرات محتملة للمشهد
يرجع مراقبون ومواطنون هذا الإقبال الضعيف إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، يأتي في مقدمتها موجة الحر الشديدة التي تضرب البلاد، والتي جعلت من الخروج نهاراً أمراً صعباً على الكثيرين. إلى جانب ذلك، لا يمكن إغفال تأثير الأوضاع الاقتصادية الحالية وارتفاع تكاليف المعيشة، الأمر الذي قد يدفع العديد من الأسر إلى ترشيد نفقاتها والتركيز على الأولويات الأساسية، واعتبار النزهات والترفيه من الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها مؤقتاً.
وقد عبّر عن هذا الواقع أحد المصادر المطلعة في قطاع السياحة بالإسكندرية قائلاً:"إن تزامن موجة الحر غير المسبوقة مع الضغوط الاقتصادية التي يشعر بها المواطن قد خلق وضعاً استثنائياً هذا العام. فالأسرة التي كانت تخصص ميزانية للخروج في العيد، قد تفضل اليوم توجيه هذه الميزانية نحو متطلبات أخرى، أو على الأقل تأجيل النزهات إلى أوقات تكون فيها الظروف المناخية أفضل والتكاليف أقل."
في ختام اليوم، ومع استمرار الأجواء الهادئة، تبقى الآمال معلقة على الساعات المسائية وبقية أيام عطلة العيد، حيث قد تشهد درجات الحرارة انخفاضاً طفيفاً يشجع بعض الأسر على الخروج. كما يترقب أصحاب المنشآت السياحية والمصايف تحسناً في حركة الإقبال خلال اليومين القادمين، على أمل تعويض حالة الركود النسبي التي سادت المشهد في ثاني أيام العيد، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموسم الذي كان من المتوقع أن يكون واحداً من أنجح المواسم السياحية في المدينة الساحلية.