أثار موضوع الوضوء والاغتسال بماء البحر جدلاً واسعاً بين المسلمين، خاصةً مع انتشار السياحة الساحلية وزيادة الاعتماد على المياه المالحة في بعض المناطق. وفي هذا السياق، توجه العديد من الأسئلة إلى دار الإفتاء المصرية لاستيضاح الحكم الشرعي في هذه المسألة. وقد تصدى أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، الشيخ [اسم أمين الفتوى]، للإجابة عن هذه التساؤلات، موضحاً الشروط والضوابط التي تجعل الوضوء والاغتسال بماء البحر جائزاً شرعاً.

أكد الشيخ [اسم أمين الفتوى] أن الأصل في ماء البحر الطهارة، وأنه يجوز استخدامه في الوضوء والاغتسال، وذلك استناداً إلى الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة. فقد قال تعالى: "وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا" (الفرقان: 53). واستدل أيضاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن ماء البحر فقال: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وهذا الحديث يعتبر أصلاً في طهارة ماء البحر وجواز استخدامه في الطهارة.

شروط جواز الوضوء والاغتسال بماء البحر

ومع ذلك، أوضح أمين الفتوى أن جواز الوضوء والاغتسال بماء البحر مشروط بعدة شروط، منها: أولاً، أن يكون الماء نظيفاً وخالياً من النجاسات الظاهرة التي تغير لونه أو طعمه أو ريحه. فإذا كان الماء متغيراً بنجاسة، فلا يجوز استخدامه في الطهارة. ثانياً، أن يكون الماء مطلقاً، بمعنى أن يكون ماءً خالصاً لم يضف إليه شيء يغير من طبيعته، مثل إضافة الصابون أو المواد الكيميائية. ثالثاً، أن يكون الماء كافياً لإتمام الوضوء أو الاغتسال، بحيث يغطي جميع الأعضاء الواجب غسلها.

وأضاف الشيخ [اسم أمين الفتوى] أنه في حال عدم توفر الماء العذب، أو تعذر استخدامه بسبب بعد المسافة أو عدم القدرة على الحصول عليه، فإن استخدام ماء البحر للوضوء والاغتسال يكون جائزاً، بل ومطلوباً شرعاً. وأشار إلى أن بعض الفقهاء قد اشترطوا إزالة الملح الزائد من الجسم بعد الاغتسال بماء البحر، وذلك لتجنب الشعور باللزوجة أو الضيق، ولكن هذا الأمر ليس شرطاً أساسياً لصحة الاغتسال، بل هو من باب الاستحباب.

وفي ختام تصريحه، أكد أمين الفتوى على أهمية التيسير على الناس في أمور الدين، وعدم التشديد عليهم فيما وسعهم، مشيراً إلى أن الشريعة الإسلامية شريعة سمحة ويسيرة، وأن الله تعالى لم يجعل علينا في الدين من حرج. ودعا المسلمين إلى الاجتهاد في طلب العلم الشرعي، والرجوع إلى أهل العلم والاختصاص في المسائل التي تشكل عليهم، وذلك لضمان تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بشكل صحيح وسليم.