مع بدء مرحلة التفويج بعد إتمام ضيوف الرحمن مناسك الحج لعام 1445هـ، أعلنت منظومة الطيران المدني في المملكة العربية السعودية عن اكتمال كافة استعداداتها التشغيلية لخدمة الحجاج المغادرين إلى أوطانهم.

 

وتأتي هذه المرحلة الحاسمة تتويجاً لجهود متكاملة بذلتها مختلف الجهات الحكومية والخاصة على مدار الساعة، لضمان تقديم تجربة سفر آمنة وميسرة وقد تم تخصيص ستة مطارات رئيسية في مختلف أنحاء المملكة لاستيعاب رحلات الحج المغادرة، وذلك ضمن خطة محكمة تشرف عليها الهيئة العامة للطيران المدني بالتنسيق المباشر مع وزارة الحج والعمرة، ووزارة الداخلية، ووزارة الصحة، وكافة الشركاء الاستراتيجيين.

 

وتهدف هذه الخطة إلى توديع حجاج بيت الله الحرام بنفس مستوى الكفاءة وحفاوة الاستقبال التي وجدوها عند قدومهم، بما يعكس التزام المملكة بتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن.

 

منظومة متكاملة لضمان سلاسة التفويج

تعتمد خطة مغادرة الحجاج على منظومة عمل متكاملة تضمن انسيابية الحركة داخل المطارات وتقليل فترات الانتظار إلى أدنى حد ممكن وقد تم تجهيز صالات الحج والعمرة في المطارات المعنية بكامل طاقتها الاستيعابية، مع زيادة أعداد الموظفين في كافة الأقسام، من منصات الجوازات والجمارك إلى موظفي شركات الطيران والخدمات الأرضية.

 

ومن أبرز الركائز التي تعتمد عليها هذه المنظومة هي مبادرة "حج بلا حقيبة"، التي تهدف إلى فصل الحاج عن أمتعته، حيث يتم استلام الحقائب من مقر سكن الحجاج قبل موعد الرحلة بـ 24 ساعة وشحنها مباشرة، مما يسمح للحاج بالتوجه إلى المطار دون أعباء.

 

كما تم تفعيل أنظمة إلكترونية متقدمة لتنسيق جداول الرحلات وتفويج الحجاج من مساكنهم إلى المطارات بشكل منظم، لتجنب الازدحام وضمان وصولهم في الوقت المحدد لرحلاتهم.

 

المطارات الرئيسية والقدرة التشغيلية

تتوزع عمليات مغادرة الحجاج على ستة مطارات دولية مجهزة بالكامل، يأتي في مقدمتها مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة ومطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة، اللذان يستحوذان على النصيب الأكبر من الحركة الجوية للحج. وإلى جانبهما، تشارك في الخطة التشغيلية مطارات حيوية أخرى هي: مطار الطائف الدولي، ومطار الملك خالد الدولي بالرياض، ومطار الملك فهد الدولي بالدمام، ومطار الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز الإقليمي بينبع.

 

وقد تم رفع القدرة التشغيلية لهذه المطارات لاستقبال وتوديع ما يزيد عن 1.9 مليون حاج عبر آلاف الرحلات الجوية المجدولة والإضافية. وتم تجهيز هذه المطارات بمناطق مخصصة لإنهاء إجراءات السفر، وتوفير كافة الخدمات اللوجستية والصحية والإرشادية لضمان راحة ضيوف الرحمن.

 

"إن هدفنا الأسمى هو أن نختتم رحلة الحج الناجحة بمغادرة مريحة ومشرفة، تعكس التزام المملكة الراسخ بخدمة ضيوف الرحمن منذ وصولهم وحتى عودتهم سالمين إلى ديارهم. لقد سخرنا كافة الإمكانيات البشرية والتقنية لضمان تحقيق هذا الهدف، ونعمل على مدار الساعة لمتابعة سير العمليات التشغيلية في كافة المطارات."

 

خدمات مبتكرة لتعزيز تجربة الحاج

لم تقتصر الاستعدادات على الجانب التشغيلي فحسب، بل امتدت لتشمل حزمة من الخدمات النوعية التي تهدف إلى ترك أثر إيجابي في نفوس الحجاج. فبالإضافة إلى خدمة "حج بلا حقيبة"، تم توفير أعداد كبيرة من عربات الأمتعة والعربات الكهربائية لنقل كبار السن وذوي الإعاقة. كما تم تجهيز نقاط لتوزيع عبوات ماء زمزم المهيأة للشحن الجوي على جميع الحجاج المغادرين، كهدية رمزية تحمل معاني روحانية عميقة.

 

وتنتشر الفرق الميدانية التطوعية والصحية في أرجاء صالات المغادرة لتقديم المساعدة الفورية، والإجابة عن الاستفسارات، وتوفير الرعاية الطبية الأولية عند الحاجة، مما يخلق بيئة من الطمأنينة والراحة للحجاج وهم يستعدون للعودة إلى بلدانهم.

 

في الختام، تمثل مرحلة مغادرة الحجاج الاختبار الأخير لنجاح موسم الحج، وتؤكد هذه الاستعدادات الضخمة والمنظمة حرص المملكة العربية السعودية على إتمام هذه الشعيرة العظيمة على أكمل وجه.

وتنسجم هذه الجهود مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 الرامية إلى إثراء التجربة الدينية والثقافية لضيوف الرحمنومع بدء أولى رحلات العودة، تحمل هذه الطائرات على متنها حجاجاً يعودون إلى ديارهم محملين بذكريات إيمانية عميقة وصورة ذهنية مشرقة عن الكفاءة التنظيمية وحسن الضيافة التي لمسوها في رحاب الديار المقدسة.