مع تصاعد وتيرة الضربات الإسرائيلية التي تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، تتزايد المخاوف الدولية من احتمال وقوع تسرب أو تلوث نووي في المنطقة. وتتركز هذه المخاوف بشكل خاص حول المواقع الحساسة مثل نطنز وأصفهان وأراك، التي تعرضت لضربات متكررة.

 

وبينما تصر إسرائيل على أن هذه العمليات تهدف إلى منع إيران من تطوير سلاح نووي، تحذر منظمات دولية وخبراء من عواقب بيئية وصحية وخيمة إذا خرجت الأمور عن السيطرة. هذا التصعيد يضع المنطقة على صفيح ساخن، ويثير تساؤلات حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني والأمن الإقليمي.

 

تقييم الخبراء: لا ذعر حالي… ولكن الحذر واجب

على الرغم من تصاعد المخاوف، يرى خبراء أن الخطر الإشعاعي الفوري لا يزال محدودًا. "المنشآت مصممة لتحمّل مثل هذه الأحداث، وإن الضرر الكيميائي أو الإشعاعي حتى الآن يبدو محدودًا،"كما صرح بيتر براينت، أستاذ سياسات الطاقة النووية بجامعة ليفربول. ومع ذلك، يشدد الخبراء على ضرورة توخي الحذر الشديد والمراقبة المستمرة، "الخطر الأكبر يكمن في المواد الكيميائية السامة، وليس في الإشعاع الفوري،" كما أوضحت داريا دولزيكوفا من مركز RUSI البريطاني، مشيرة إلى أن مدى الضرر يعتمد على طبيعة الموقع وظروف الطقس. وهذا التقييم الحذر يسلط الضوء على أهمية الشفافية والتعاون الدولي في تقييم المخاطر المحتملة.

 

ما الذي استُهدف حتى الآن؟

شملت الضربات الإسرائيلية عددًا من المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية، مما أثار قلقًا دوليًا واسع النطاق. نطنز، وهي منشأة رئيسية لتخصيب اليورانيوم تقع تحت الأرض، تعرضت لأضرار مؤكدة بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية. أصفهان، التي تضم مجمعًا نوويًا كبيرًا يشمل منشآت لتحويل اليورانيوم، كانت أيضًا هدفًا للضربات.

 

بالإضافة إلى ذلك، استهدفت الضربات مواقع في كرج وطهران، والتي يُعتقد أنها تستخدم لإنتاج أجهزة الطرد المركزي. أراك (خنداب)، حيث يقع مفاعل أبحاث يعمل بالماء الثقيل وهو قيد الإنشاء، أصيب في إحدى الغارات، على الرغم من عدم تسجيل أي نشاط إشعاعي، وفقًا للوكالة الذرية.

 

هذه الهجمات المتتالية تثير تساؤلات حول القدرة الإيرانية على الحفاظ على برنامجها النووي في ظل هذه الظروف.

 

جدير بالذكر أن محطة بوشهر للطاقة النووية أُعلن عن استهدافها مؤقتًا، قبل أن تُصحّح القوات الإسرائيلية المعلومة وتؤكد أن الإعلان كان "عن طريق الخطأ،" مما أثار ذعرًا كبيرًا في منطقة الخليج قبل التراجع. هذا الخطأ، حتى لو كان غير مقصود، يبرز مدى حساسية الوضع واحتمالية التصعيد غير المقصود.

 

ما هي مخاطر التلوث أو التسرب النووي؟

على الرغم من أن الخطر الإشعاعي الفوري يبدو محدودًا حتى الآن، إلا أن الخبراء يحذرون من وجود تهديدات محتملة، خاصة إذا استُهدفت منشآت تحتوي على مواد نووية نشطة. تشير التقارير إلى أن أغلب المواقع المستهدفة كانت إما غير نشطة أو تحت الأرض، مما يقلل من احتمالية انتشار الإشعاع.

 

ومع ذلك، يبقى سادس فلوريد اليورانيوم (UF6)، وهو أحد أخطر المواد في منشآت التخصيب، مصدر قلق كبير.

 

عند تفاعله مع بخار الماء، ينتج UF6 مواد كيميائية ضارة يمكن أن تؤدي إلى تلوث بيئي حاد. بالإضافة إلى ذلك، يُحذر الخبراء من أن الرياح يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في مدى انتشار أي تسرب كيميائي أو إشعاعي. فمع الرياح الخفيفة، تبقى الملوثات قريبة من مصدرها، بينما يمكن للرياح القوية أن تحملها لمسافات طويلة، مما يزيد من نطاق التأثير.

 

يبقى التعاون الدولي وتبادل المعلومات الشفاف أمرًا بالغ الأهمية لتقييم المخاطر المحتملة والاستعداد لأي طارئ. يجب على جميع الأطراف المعنية إعطاء الأولوية لسلامة البيئة وصحة الإنسان، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع وقوع كارثة نووية.