في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها الأجهزة الرقابية الحكومية لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه ومكافحة كافة أشكال الفساد والتلاعب في السلع الاستراتيجية، تمكنت الحملات التموينية المكثفة، التي تم شنها على مدار الأربع والعشرين ساعة الماضية، من تحقيق نتائج ملموسة.
حيث أسفرت هذه الحملات عن ضبط كميات هائلة من الدقيق البلدي المدعم قبل تهريبها إلى السوق السوداء، وبلغ إجمالي المضبوطات 15 طناً من الدقيق البلدي المدعم (استخراج 87.5%).
وتأتي هذه الخطوة لتؤكد على يقظة الدولة وعزمها على حماية قوت المواطنين ومحاسبة كل من تسول له نفسه المساس بالأمن الغذائي للمجتمع. وقد شملت الحملات عدداً من المحافظات والمناطق الحيوية، مستهدفةً المخابز البلدية والسياحية ومستودعات التخزين غير المرخصة التي تحاول استغلال الدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة.
تفاصيل الحملات المكثفة وآليات الضبط
انطلقت الحملات الرقابية بشكل متزامن ومفاجئ، بالتنسيق بين مديريات التموين والتجارة الداخلية ومباحث التموين، لضمان تحقيق عنصر المباغتة ومنع المخالفين من إخفاء الأدلة. وقد اعتمدت الفرق الميدانية على آليات تفتيش دقيقة شملت مراجعة سجلات صرف الدقيق، ومطابقة الكميات المنصرفة مع أرصدة الخبز المنتج، وفحص موازين الخبز للتأكد من مطابقتها للأوزان المقررة.
وكشفت عمليات التفتيش عن مجموعة واسعة من المخالفات الجسيمة، لم تقتصر فقط على تجميع الدقيق بهدف بيعه في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، بل شملت أيضاً التلاعب في منظومة البطاقات الذكية، وإنتاج خبز ناقص الوزن وغير مطابق للمواصفات القياسية، بالإضافة إلى تشغيل مخابز بدون ترخيص رسمي، مما يشكل خطراً على السلامة العامة وجودة المنتج المقدم للمواطنين.
وقد تم التحفظ على الكميات المضبوطة بالكامل لبيعها في السوق السوداء وتحقيق مكاسب غير قانونية على حساب الدعم الحكومي.
تصريحات رسمية: لا تهاون في حماية مقدرات الشعب
في تعليق رسمي على نتائج الحملات، أكد مصدر مسؤول بوزارة التموين والتجارة الداخلية أن الوزارة تعمل وفق استراتيجية واضحة ومستمرة لضبط الأسواق وتأمين السلع الأساسية للمواطنين، مشدداً على أن هذه الحملات ليست موسمية أو رد فعل، بل هي جزء من خطة عمل يومية لا تتوقف.
وأضاف المصدر في تصريحاته:"إن الدولة لن تتهاون أبداً في حماية مقدرات الشعب وضمان وصول رغيف الخبز المدعم لمستحقيه بجودة ووزن مطابقين للمواصفات. لقد وجهنا تعليمات صارمة لجميع مديريات التموين في المحافظات بتكثيف الرقابة وتوسيع دائرة الاشتباه لتشمل كافة حلقات سلسلة توريد القمح والدقيق إن كل من يشارك في تهريب الدقيق أو التلاعب به هو شريك في جريمة تمس الأمن القومي الغذائي، وسيواجه أقصى العقوبات التي ينص عليها القانون دون أي تساهل أو محاباة."
الإجراءات القانونية الرادعة والتأثير الاقتصادي
فور ضبط المخالفات، قامت السلطات المختصة باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة ضد أصحاب المخابز المتورطين. حيث تم تحرير المحاضر اللازمة بالمخالفات المضبوطة، وتوثيق الأدلة والمضبوطات، تمهيداً لإحالة المتهمين إلى النيابة العامة لتتولى التحقيق في الوقائع المنسوبة إليهم وتطبيق العقوبات الرادعة التي قد تصل إلى الحبس والغرامات المالية الكبيرة، بالإضافة إلى إلغاء ترخيص المخبز بشكل نهائي.
ومن الناحية الاقتصادية، تساهم هذه الحملات بشكل مباشر في استقرار سوق الخبز، ومنع ظهور أزمات مفتعلة، والحفاظ على أموال الدعم التي تخصصها الدولة سنوياً لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين. كما أنها تبعث برسالة قوية لكل من يفكر في التلاعب بأن الأجهزة الرقابية له بالمرصاد، مما يعزز من الانضباط في السوق ويحمي المستهلك والدولة على حد سواء.
وتواصل الأجهزة المعنية جهودها الحثيثة لمتابعة حركة السلع الاستراتيجية في الأسواق، وتناشد المواطنين بضرورة التعاون والإبلاغ عن أي مخالفات تموينية يلاحظونها، سواء كانت تتعلق بجودة الخبز أو وزنه أو سعره، وذلك من خلال الخطوط الساخنة وقنوات الإبلاغ الرسمية.
ويعد هذا التعاون بين المواطن والدولة حجر الزاوية في بناء منظومة رقابية متكاملة قادرة على التصدي لكافة الممارسات الاحتكارية وغير القانونية، وضمان تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير حياة كريمة لجميع أفراد المجتمع، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية التي تتطلب تكاتف الجميع للحفاظ على استقرار الوطن وأمنه الغذائي.