يستعد مجلس الشيوخ المصري لمناقشة تقرير هام أعدته لجنة التعليم والبحث العلمي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حول واقع كليات التربية في مصر والتحديات التي تواجهها، وذلك خلال جلساته العامة الأسبوع المقبل برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق.

 

الدراسة، التي أعدتها النائبتان هبة شاروبيم ورشا مهدي، تسلط الضوء على الإشكاليات الهيكلية والتكرار في المقررات، وتقدم توصيات حاسمة لإعادة هيكلة هذه الكليات بهدف تحسين جودة إعداد المعلمين ومواكبة متطلبات سوق العمل المتغيرة.

 

الدراسة رصدت أوجه قصور هيكلية في كليات التربية، حيث أشارت إلى التباين في هيكلة الأقسام بين الجامعات المختلفة، فبعضها يضم أقسامًا أدبية وعلمية وتربوية تعمل منفردة، بينما يقتصر البعض الآخر على الأقسام التربوية فقط.

 

كما لفتت الدراسة إلى التشابه الكبير بين محتوى الأقسام الأدبية والعلمية في كليات التربية ونظيراتها في كليات الآداب والعلوم، مع إضافة نسبة محدودة من المواد التربوية، مما يقلل من التخصصية والعمق في إعداد المعلمين.

 

علاوة على ذلك، أشارت الدراسة إلى التداخل والتشابه بين الأقسام التربوية المختلفة، وحتى بين كليات التربية والتربية النوعية ورياض الأطفال والتربية الرياضية، مما يؤدي إلى تكرار المقررات وإهدار الوقت والجهد.

 

تؤكد الدراسة على أهمية إعادة النظر في هيكلة كليات التربية، مع التركيز على الأقسام المتشابهة مع نظائرها في كليات أخرى والأقسام المتشابهة داخل نفس الكلية.

 

كما شددت على ضرورة تحديث المقررات الدراسية وتطويرها، مع الأخذ في الاعتبار احتياجات سوق العمل والمدارس بمراحلها المختلفة.

 

"هذه الملحوظات السابقة تؤكد أهمية إعادة النظر في هيكلة الكثير من كليات التربية بمصر... وما يتبع ذلك من تكرار وتداخل في المقررات التي أصابها التخم النظرى وافتقدت أحيانا التطوير، ولابد من الأخذ في الاعتبار سوق العمل."

 

تضمنت الدراسة مجموعة من التوصيات الهامة، من بينها إنشاء مجلس وطني لإعداد المعلم يتولى التنسيق بين وزارات التعليم والتعليم العالي ونقابة المعلمين والجهات ذات الصلة، لضمان رسم سياسات موحدة ومتكاملة لإعداد المعلمين وتطويرهم المهني.

 

كما أوصت بتأهيل مهني مستمر وترخيص المهنة، بحيث تتولى كليات التربية مسؤولية تقديم برامج التنمية المهنية المستدامة للمعلمين، وأن تكون الجهة المختصة بإصدار وتجديد رخص مزاولة المهنة بناءً على معايير أداء واضحة.

 

بالإضافة إلى ذلك، دعت الدراسة إلى تشكيل لجنة من قبل قطاع الدراسات التربوية بالمجلس الأعلى للجامعات لعمل مسح ومراجعة دقيقة لجميع كليات التربية بأقسامها وشعبها المختلفة، لتفادي التكرار والتنافس بين الأقسام والشعب المتداخلة.

 

لجنة التعليم بمجلس الشيوخ أكدت على أهمية الدراسة، معتبرة إياها كاشفة عن الحاجة الملحة لإعادة النظر في واقع كليات التربية في مصر، باعتبارها المنصة الأولى لإعداد المعلم وأحد المفاتيح الحاسمة في عملية إصلاح التعليم.

 

اللجنة شددت على أن مستقبل النظام التعليمي يرتبط ارتباطا مباشرا بجودة إعداد المعلمين ومدى جاهزيتهم للتعامل مع متغيرات العصر، وأن الانتقال من النمط التقليدي إلى نموذج مؤسسي أكثر مرونة وفاعلية لم يعد خيارا، بل ضرورة وطنية تتطلب قرارات جريئة، وشراكات مستدامة، وإرادة سياسية تدعم التغيير المنهجي العميق.