شهدت أسواق الذهب في مصر تراجعاً ملحوظاً في مستهل تعاملات اليوم الاثنين، ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، حيث واصلت الأسعار مسارها الهبوطي الذي بدأته في نهاية الأسبوع الماضي. وتركز الانخفاض الأكبر على الجنيه الذهب، الذي يعد ملاذاً استثمارياً رئيسياً لشريحة واسعة من المدخرين في البلاد.
فقد الجنيه الذهب ما يقرب من 400 جنيه مصري من قيمته مقارنة بأسعار إغلاق الأسبوع الماضي، ليصل إلى مستويات سعرية جديدة لم يشهدها منذ عدة أسابيع. يأتي هذا التراجع في ظل حالة من هدوء الطلب النسبي التي تصاحب عادة فترات الأعياد، بالتزامن مع تأثر السوق المحلية بالتحركات العالمية لأسعار المعدن الأصفر.
تفاصيل الهبوط وأسبابه المباشرة
يعود هذا الانخفاض بشكل أساسي إلى تراجع سعر الأوقية (الأونصة) في البورصات العالمية، والتي تمثل المحرك الرئيسي لأسعار الذهب في كافة الأسواق المحلية. فمع بداية التعاملات الآسيوية، سجل سعر أوقية الذهب هبوطاً ليستقر دون مستوى 2310 دولارات، متأثراً بحالة من التفاؤل الحذر في الأسواق العالمية وبيانات اقتصادية أمريكية عززت من قوة الدولار.
إن قوة الدولار الأمريكي ترتبط بعلاقة عكسية مع سعر الذهب، حيث إن ارتفاع قيمة العملة الخضراء يجعل الذهب أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى، مما يقلل من جاذبيته كأصل استثماري. وقد أدى هذا العامل الخارجي إلى ضغوط بيعية انعكست بشكل فوري ومباشر على تسعير الذهب في السوق المصرية.
انعكاسات التراجع على السوق المحلية
وقد انعكس هذا الهبوط العالمي مباشرة على السوق المحلية، حيث تراجعت أسعار كافة الأعيرة الذهبية. وسجل سعر جرام الذهب من عيار 21، وهو العيار الأكثر انتشاراً وتداولاً في مصر، انخفاضاً ليسجل حوالي 3105 جنيهات للجرام الواحد قبل احتساب قيمة المصنعية.
وبالمثل، تراجع سعر جرام الذهب من عيار 24، المستخدم بشكل رئيسي في صناعة السبائك، ليسجل قرابة 3548 جنيهاً.
يرى المتعاملون في السوق أن هذا التراجع قد يمثل فرصة للشراء لمن كانوا ينتظرون تصحيحاً سعرياً، خاصة وأن الطلب على السبائك والجنيهات الذهبية يميل إلى الزيادة بعد فترات الانخفاض كونه يمثل فرصة لتعزيز المحافظ الاستثمارية بتكلفة أقل.
تحليلات الخبراء وتوقعات المستقبل
وفي هذا السياق، يرى الخبراء والمحللون أن السوق تمر بمرحلة من إعادة تقييم الأسعار بعد الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها خلال الأشهر الماضية. ويعلق أحد كبار تجار الذهب على الوضع الحالي قائلاً:"إن ما نشهده حالياً هو تصحيح سعري طبيعي ومنطقي، مدفوع بالمتغيرات العالمية المتعلقة بأسعار الفائدة الأمريكية وقوة الدولار. السوق المحلية في حالة ترقب، ورغم أن إجازة العيد تقلل من حجم التعاملات الفعلية، إلا أن الأسعار المعلنة تعكس الواقع العالمي. ننصح المستهلكين والمستثمرين على حد سواء بتوخي الحذر وعدم اتخاذ قرارات متسرعة، فالسوق لا تزال تتسم بالتقلب الشديد وقد تشهد تحركات جديدة مع عودة البورصات العالمية للعمل بكامل طاقتها بعد عطلة نهاية الأسبوع."
ختاماً، يظل المشهد في سوق الذهب المصري مرتبطاً بشكل وثيق بالاتجاهات العالمية، خاصة قرارات السياسة النقدية الصادرة عن البنك الفيدرالي الأمريكي والتي تؤثر بشكل مباشر على الدولار وأسعار المعادن الثمينة.
ومع استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي عالمياً، يبقى الذهب مكوناً أساسياً في المحافظ الاستثمارية، إلا أن توقيت الشراء والبيع يتطلب متابعة دقيقة ومستمرة للأسواق.
من المتوقع أن تستمر حالة الترقب حتى تتضح الرؤية بشكل أكبر خلال الأيام القادمة، مع عودة النشاط الكامل للأسواق المحلية والعالمية بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى المبارك.