أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرًا يسلط الضوء على التداعيات المحتملة للتصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران على الأسواق العالمية.
يؤكد التقرير على الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أنها مركز استراتيجي يؤثر بشكل مباشر في استقرار الاقتصاد العالمي وأمنه السياسي.
المنطقة تضم أكبر احتياطات النفط والغاز في العالم، وتعد دول مثل السعودية وإيران والعراق والإمارات والكويت من أبرز المنتجين والمصدرين للطاقة. كما يمر عبر مضيق هرمز وحده نحو ثلث كميات النفط المنقولة بحرًا عالميًا.
يشير التقرير إلى أن المنطقة تضم ثلاثة من أبرز الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم: مضيق هرمز، ومضيق باب المندب، وقناة السويس، والتي تعد شريانًا حيويًا لحركة التجارة العالمية ونقل الطاقة. ويوضح التقرير أن حالة عدم اليقين بشأن نطاق ووحدة وأمد هذا التصعيد تثير قلقًا بالغًا بشأن استقرار الأسواق.
ركز التقرير على ستة قطاعات رئيسية قد تتأثر بالتصعيد: الطاقة، والسياحة والطيران، والتجارة العالمية، والذهب، والأسواق المالية، والقطاع المصرفي.
في قطاع الطاقة، أشار التقرير إلى أن التصعيد قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز وتعطيل الإمدادات العالمية. وفي قطاع السياحة والطيران، قد يؤدي التصعيد إلى اضطرابات في مسارات الرحلات الجوية وزيادة تكاليف التشغيل. أما في قطاع التجارة العالمية، فقد يؤدي التصعيد إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين وتعطيل سلاسل التوريد.
فيما يتعلق بالذهب، أوضح التقرير أن أسعار الذهب قد ترتفع نتيجة لجوء المستثمرين إلى الملاذات الآمنة. وفي الأسواق المالية، قد يؤدي التصعيد إلى تقلبات حادة وانخفاض في أسعار الأسهم. أما في القطاع المصرفي، فقد يؤدي التصعيد إلى زيادة المخاطر وتضييق الائتمان.
بشكل عام، يؤكد التقرير على أن التصعيد الإسرائيلي الإيراني يمثل تهديدًا خطيرًا للاقتصاد العالمي ويتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف آثاره.
ويختتم التقرير بالتأكيد على ضرورة المتابعة الحثيثة لتطورات الأوضاع في المنطقة وتقييم المخاطر المحتملة واتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة لضمان استقرار الاقتصاد المصري وحماية مصالح المواطنين.
"يجب على جميع الأطراف المعنية العمل على خفض التصعيد وتجنب أي خطوات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة"،
أضاف التقرير.
تأثير التصعيد على قطاع الطاقة
حمل التصعيد الإسرائيلي الإيراني تداعيات بالغة الخطورة على قطاع الطاقة سواء من حيث أسعار النفط والغاز، أو من ناحية استقرار الإمدادات العالمية. ففي أعقاب الضربات الإسرائيلية على مواقع عسكرية ونووية إيرانية ارتفعت أسعار خام برنت بنسبة تصل إلى 13% لتتجاوز 75 دولارًا للبرميل فيما ارتفعت أسعار الخام الأمريكي بنسبة 8% إلى 74 دولارًا. ويُقدر أن خسارة جزئية تقدر بنحو 600 ألف برميل يوميًا نتيجة تشديد العقوبات قد تؤدي إلى ارتفاع محدود في الأسعار يتراوح بين 5 و10 دولارات للبرميل. ومن ناحية أخرى يمثل مضيق هرمز أحد أبرز بؤر القلق في السوق إذ تمر عبره 30% من صادرات النفط المنقولة بحرًا عالميًا، و20% من الغاز الطبيعي المسال.
تأثير التصعيد على قطاع السياحة والطيران
شكل الهجوم الإسرائيلي الواسع النطاق على إيران ضربة مزدوجة لصناعة الطيران العالمية إذ أدى إلى اضطرابات فورية في مسارات الرحلات الجوية بسبب المخاوف الأمنية بالتزامن مع قفزة مفاجئة في أسعار الوقود. وبالفعل أُجبرت العديد من شركات الطيران بما في ذلك الخطوط السنغافورية والتركية على تغيير مسارات رحلاتها أو تعليقها مؤقتًا، لا سيما تلك المتجهة إلى أوروبا أو القادمة منها، وهذا التحول في مسار الرحلات يعني أن الرحلات أصبحت أطول زمنيًا وتستهلك وقودًا أكثر وتتكبد نفقات إضافية في الأجور ورسوم التحليق.
تأثير التصعيد على التجارة العالمية
مع تصاعد التوترات تتزايد المخاوف العالمية بشأن استقرار التجارة الدولية خاصًة من حيث العمليات اللوجستية والبحرية وتكاليف الشحن وتدفق البضائع، وتؤدي هذه الأوضاع إلى اضطرابات محتملة قد تؤثر سلبًا في سلاسل التوريد العالمية لا سيما في قطاع الطاقة والنقل البحري. ففي ظل هذا التصعيد بدأت شركات التأمين تراقب عن كثب الأوضاع في مضيق هرمز وخليج عدن حيث رفعت قيادة القوات البحرية المشتركة مستوى التحذير إلى "خطير" فيما حثت السلطات البريطانية واليونانية السفن على تسجيل تحركاتها وتجنب المناطق عالية الخطورة.
تأثير التصعيد على الذهب
شهدت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا ملحوظًا منذ اندلاع الضربات العسكرية الإسرائيلية على إيران واستمرار تبادل الهجمات بين الطرفين، وقد دفع التصعيد المتسارع في الصراع المستثمرين إلى الاتجاه نحو الذهب كملاذ آمن في ظل تزايد المخاوف من اتساع رقعة النزاع وتداعياته الاقتصادية. ففي يوم بداية الهجوم (13 يونيو 2025) ارتفع سعر أونصة الذهب بنسبة 1.3% ليصل إلى 3435.35 دولار مقارنًة بـ 3391.4 دولار في 12 يونيو، متجاوزًا بذلك أعلى مستوى سُجل منذ بداية العام والذي بلغ 3433.55 دولار للأونصة في 22 أبريل 2025.
تأثير التصعيد على الأسواق المالية والعملات
بدأت الأسواق العالمية التفاعل بقوة فور تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران خصوصًا بعد الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت إيرانية، هذا التصعيد انعكس مباشرًة على أسواق الأسهم العالمية حيث دفع مخاوف المستثمرين بشأن استقرار إمدادات الطاقة والنمو الاقتصادي إلى موجة بيع واسعة، وفي الولايات المتحدة تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بأكثر من 750 نقطة (1.8%)، وهبط مؤشر (S&P 500) بنسبة 1.1%، ومؤشر ناسداك المركب بنسبة 1.3% في دلالة على انتقال المستثمرين إلى الأصول الآمنة مثل الذهب وسندات الخزانة والدولار الأمريكي في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية.
تأثير التصعيد على القطاع المصرفي
يقلل ارتفاع أسعار النفط من فرص خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في الربع الثالث 2025 كما تُصعب هذه التطورات أيضًا على البنك المركزي الأوربي الأمور، فقد انخفض معدل التضخم في منطقة اليورو خلال الأشهر الأخيرة بفضل انخفاض أسعار الطاقة لكن هذا الوضع يخشى أن يتغير الآن ويشكل ارتفاع التكاليف مصدر قلق آخر لقطاع التصنيع، ومن شأن تصعيد التوترات في الشرق الأوسط أن يفاقم المشاعر السلبية ويلقى بثقله على النمو الاقتصادي إذا يزداد ادخار المستهلكين وتؤجل الشركات استثماراتها.